نكات المصريين أسقطت النظام

{[['']]}
share


في أشد وأصعب أوقات الثورة في ميدان التحرير بالقاهرة أتي أحمد بطرفة ممزوجة بالوجع يحمل لافته مكتوبا عليها "امشي يا مش مبارك"، ثم تتناسي الجموع بعض أوجاعها ويشاركونه في
تبادل النكات.

وظل المتظاهرون العزل من أي سلاح يواجهون به القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وأحيانا الرصاص الحي، يفتشون عن سلاح آخر يحاربون به, لا يسقط قتلي وجرحي، ولكنه يرسم البسمة التي تخفي أوجاعا طالت سنوات.

فالمشهد في ميدان التحرير كان يحمل مشاعر متضاربة، أحيانا تسود مشاعر الخوف والقلق علي مستقبل الورود التي تفتحت في الميدان، ولكن في الغالب كانت تتبدل هذه المشاعر عندما تجد إحدي الفتيات تحمل لافته مكتوبا عليها "ارحل بقي عايزة أدخل الحمام".

وهذه فتاة أخري تأتي من بعيد وقد اشتد بها الغيظ فتحمل لافته مكتوبا عليها "يا لزقة أمريكاني مش عاوزينك تاني".

أما دعاء فإقامتها بمدينة الشيخ زايد التي تبعد كثيرا عن ميدان التحرير لم تساعدها علي تغيير ملابسها، وربما صممت علي عدم تغييرها حتي يرحل النظام، فحملت لافته مكتوبا عليها "امشي بقي عايزة استحمي"، وآخر يحمل لافتة "ارحل بقي إيدي وجعتني".

ومن شيخ عجوز يرفع لافتة مكتوبا عليها "آخر طلعة جوية هتكون للسعودية"، إلي شاب متزوج منذ 20 يوما فقط اشتاق إلي زوجته التي وقف رحيل مبارك حاجزا بينها وبينه يظهر لافتة "ارحل بقي مراتي وحشتني"، حتي طفل نائم ملتحفا لافتة مكتوبا عليها "لما يمشي صحوني".

أما حازم فيقول إن زوجته علي وشك أن تلد لكنها حذرة تتحسب شيئا ما "الولية عايزة تولد والواد مش عايز يشوفك"، وآخر أنفق معطفه في سبيل التعبير عن إرادته فكتب عليه "لازم ترحل لأني خلاص ضحيت بالجاكيت".

بينما يظهر شاب آخر نفد الورق منه فلم يجد أي شيء يكتب عليه سوي جسده "الورق خلص أعمل لك إيه تاني".

وهكذا الإنسان المصري معروف بأنه "ابن نكتة"، وأقدم نكتة سياسية مكتوبة في العالم فرعونية.

ولم يسلم الرئيسان الراحلان جمال عبد الناصر أو أنور السادات من نكات المصريين مع اختلاف الباعث، فالنكتة في عهد عبد الناصر كانت نتيجة لاختلاف وجهات النظر.

وكانت النكتة في عهد أنور السادات هي روح السخرية والفكاهة المواكبة لخصائص في شخصية السادات نفسه. أما النكتة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك فجاءت ممزوجة باليأس وفقدان الأمل.

وإذا كان البريطانيون اشتهروا بإجادتهم النكات السياسية فإن شباب ثورة 25 يناير قد تفوقوا عليهم بلافتات خطوا عليها عبارات طريفة في الظاهر مضمونها أبكاهم طويلا، مما جعل للثورة الشعبية المصرية نكهة خاصة.

ولم يكف هؤلاء الشباب عن تأليف النكت حتي بعد رحيل النظام، فقد قالوا للرئيس المخلوع "أنت زعلت يا ريس ولا إيه؟ إحنا كنا بنهزر معاك، كنت معانا في الكاميرا الخفية"، فتعقب سيدة "لو عايز تذيع هنذيع".
مشاركة
شارك الموضوع ليراه أصدقائك :